بجيلة في مملكة البوازيج
البوازيج (من معجم البلدان) : بلدة قرب تكريت بالعراق على فم نهر الزاب الأسفل الذي يصب في دجلة ؛ يقال لها بوازيج الملك ؛ لها ذكر في الأخبار والفتوح وهي من أعمال الموصل ، وينسب إليها جماعة من العلماء ، فتحها جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه . ويقول ابن حوقل صاحب كتاب (صورة الأرض) : هناك قوماً يسكنون منطقة يقال لها "البوازيج" شرقي بلدة تكريت بالعراق ؛ وهم من نسل جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه ورؤساؤهم مختلفون في المذهب ؛ بعضهم سنة وبعضهم شيعة ؛ وأحياناً يجري بينهم قتال على ذلك ؛ إلا أنهم يتزوجون من بعضولا يزوجون أو يتزوجون من غريب ؛ وكانوا قديماً من عسكر*علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما فتح (تكريت) فأخذوها وسكنوها بعد مقتل علي رضي الله عنه في الكوفة .
* نعتقد ابن حوقل يقصد انهم من بجيلة وليس تحديداً من نسل جرير البجلي رضي الله عنه لأن الثابت في المراجع ان جرير رضي الله عنه أعتزل صراع معاوية وعلي رضي الله عنهما ورحل للرقة ، والذين قاتلوا بصف علي رضي الله عنه في معركة صفين فرقة من بطن أحمس ،وجرير رضي الله عنه من بطن قسر ، لذلك فربما هم خليط من بطني قسر وأحمس البجليين (والله اعلم) .
ومن بلدة البوازيج عدة أعلام ؛ منهم : منصور بن الحسن بن علي البجلي الجريري البوازيجي الذي تولى القضاء فيها فترة من الزمن وتوفى بعد سنة 501هـ . وتقول المراجع ان البوازيجي : بفتح الباء وفتح الواو وكسر الزاي بعد الالف وبعدها الياء الساكنة وفي آخرها الجيم ، هذه النسبة إلى البوازيج وهي بلدة قديمة على نهر دجلة فوق بغداد دون سر من رأى (سامراء)وورد ذكرها في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه ،وخرج منها جماعة من أهل العلم قديماً وحديثاً ، منهم أبو الفرج منصور بن الحسن بن علي بن عاذل بن يحيى البوازيجي البجلي ، كان فقيهاً فاضلاً حسن السيرة ، انحدر إلى بغداد وتفقه بها على الامام أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي ، وسمع الحديث من الشريف أبي الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله الهاشمي وغيره ، روى عنه أبو الخير محمد بن أبي الغنائم التكريتي الصوفي وأبو الحسن علي بن أحمد بن الحسين البردي ببغداد ، وتولي القضاء في بلدة البوازيج ، وتوفي بعد سنة 501 . أهـ
وقيل : البوازيج أصلها (بيت وازيق) وتقع على شاطئ نهر الزاب الأسفل قرب تكريت وفيها أسقفية تاريخية شهيرة . وفي القرن الثالث الهجري أسس الأقطع المعروف بظاهر الدولة أمير العرب مملكة له في البوازيج وماجاورها ، والأقطع هو رافع بن الحسين بن حماد بن مقين بالقاف المفتوحة أبو المسيب الأقطع المعروف بظاهر الدولة أمير العرب بنواحي بغداد ؛ فارس شاعر لكن فيه شح وإمساك وكانت أمرأته تعيبه بذلك . واشتهر بالأقطع بسبب قطع يده عندما كان يشرب ومعه بعض عبيد بني عمه ؛ فجرت بين اثنين منهما خصومة وتجالدا بالسيوف فخلص بينهما فضرب أحدهما يده فقطعها غلطاً فذهبت هدراً ؛ فصار يلبس يده كفاً يلزم بها العنان ويقاتل بالأخرى فلا يثبت له أحد ؛ وكان عظيم الغيرة على حرمه وإمائه وكان عقيماً ؛وكانت مملكته في البوازيج والسن وتكريت وكرمى والحصاصة والدور والقادسية ؛ وتوفي سنة 427هـ ، ومن شعره قوله :
لها ريقة أستغفر الله إنها ** ألذ وأشهى في النفوس من الخمر
وفي أوائل القرن الرابع الهجري حكم البوازيج الأمير عماد الدين الزنكي عندما حاول توحيد المنطقة بضم المدن التي حوله والقريبة منه ؛ بسبب ضعفها وتفرقها وضيق مساحتها وكان ولاة الموصل الذين سبقوه قد عجزوا عن اكتساحها ؛ لذلك سعى الزنكي للقضاء على هذه المواقع المستقلة كي تغدو سلطته في هذه المناطق أمراً واقعاً ، فكانت البوازيج الواقعة على طريق الموصل عند مصب الزاب الأسفل أولى المواقع التي استولى عليها الزنكي عندما توجهه إلى الموصل عام 521ﻫـ .
والجدير بالذكر ؛ هناك مجموعة من الطوائف والعشائر المعاصرة في العراق ممن ينتهي نسبهم باحد بطون قبيلة بجيلة ويقيمون في مناطق يتطابق موقعها الجغرافي مع موقع بلدة البوازيجالتاريخية ، ومعظمهم يقيمون بمحافظة ديالى ؛ واكثرهم في ناحية جلولاء والمناطق المحيطة ؛ وفي قرية خاصة بهم تسمى (بكالي) ؛ ويتواجدون أيضاً في قرى منطقة (كلي) ضمن حوض خانقين وفي قرية كشكول ؛ وقسم منهم في ناحية السعديه المجاورة لناحية جلولاء ، وقسم آخر منهم يتواجدون في مدينة بعقوبه مركز محافظة ديالى ، وفي قرية زاغنية شمال بعقوبة ، كما يتواجد قسم آخر منهم في منطقة بغداد الجديدة ، وعرفنا من عشائرهم : العكابات (العقابات) ؛ الغلامات ؛ حمير ؛ المراونة ؛ شوكة ، ويبدو أن جميع بطونهم تلتقي في النهاية بجدهم الأعلى المسمى (هلال البجلي) طبقاً للمشجرات التي ارسلت لنا مؤخراً ، لكنهم لم يخبرونا من أي بطون بجيلة جدهم (هلال البجلي) ؛ لأن اسم (هلال) مكرر في كثير من بطون قبيلة بجيلة وعشائرها .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
...إقرأ المزيد